مجالس النور

يا باقي أنت الباقي

اللمعة الثالثة من كتاب "اللمعات"

هو الباقي.. هو الأزلي الأبدي.. هو السرمدي.. هو الدائم.. هو المطلوب.. هو المحبوب.. هو المقصود.. هو المعبود.
هو الباقي.. هو الأزلي الأبدي.. هو السرمدي.. هو الدائم.. هو المطلوب.. هو المحبوب.. هو المقصود.. هو المعبود.

اللمعة الثالثة

[يا باقي أنت الباقي]

لقد مازجَ هذه اللمعةَ شيءٌ من الأذواق والمشاعر، فأرجو عدمَ تقييمها بموازين علم المنطق؛ لأن ما تَجيش به المشاعرُ لا يراعي كثيرًا قواعدَ العقل، ولا يعير سمعًا إلى موازين الفكر.

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ

[القصص: ٨٨]

هذه الآية العظيمة تُفسِّرها جملتان تُعبِّران عن حقيقتَين مهمتَين بحيث اتخذهما قسمٌ من شيوخ الطريقة النقشبندية بمثابة زبدة الأوراد لديهم، يؤدون بهما ختمَتَهم الخاصة. والجملتان هما: «يا باقي أنت الباقي.. يا باقي أنت الباقي».

ولما كانت هاتان الجملتان تنطويان على معانٍ جليلةٍ لتلك الآية الكريمة، فسنذكر بضعَ نكاتٍ لبيان الحقيقتَين اللتَين تُعبِّران عنهما:

النكتة الأولى

إن ترديد «يا باقي أنت الباقي» للمرة الأولى يُجرِّد القلبَ مما سوى الله تعالى، فيُجري ما يشبه عمليةً جراحية فيه، ويقطعُه عما سواه سبحانه.

وتوضيح هذا أنَّ الإنسان بما أودع الله فيه من ماهيةٍ جامعةٍ يرتبط مع أغلب الموجودات بأواصرَ ووشائجَ شتى، ففي تلك الماهية الجامعة من الاستعداد غير المحدود للمحبة ما يجعله يُكِنُّ حُبًّا عميقًا تجاه الموجودات عامة، فيُحب الدنيا العظيمة كما يُحب بيتَه، ويُحب الجنةَ الخالدة كما يُحب حديقته. بينما الموجودات -التي وجَّهَ الإنسانُ حبَّه نحوها- لا تدوم، بل لا تلبث أن تزول، لذا يذوق الإنسانُ دائمًا عذابَ ألمِ الفراق، فتصبح تلك المحبة التي لا منتهى لها مبعثَ عذابٍ معنوي لا منتهى له، لتقصيره بحقها؛ فالآلام التي يتجرعها ناشئةٌ من تقصيره هو، حيث لم يودَع فيه استعدادُ المحبة إلّا ليوجهه إلى مَن له جمالٌ خالدٌ مطلَق، بينما الإنسانُ لم يُحسن استعمال محبته فوجَّهها إلى موجوداتٍ فانيةٍ زائلة، فيذوق وبال أمره بآلام الفراق.

فعندما يردد الإنسان: «يا باقي أنت الباقي» يعني بها البراءة الكاملة من هذا التقصير، وقَطْعَ العلاقات مع تلك المحبوبات الفانية، والتخلي عنها كليًا، قبل أن تتخلى هي عنه؛ ثم تسديد النظر في المحبوب الباقي، وهو الله سبحانه دون سواه.

أي يقول بها: لا باقي بقاءً حقيقيًّا إلا أنت يا إلهي، فما سواكَ فانٍ زائل، والزائلُ غيرُ جديرٍ بالمحبة الباقية ولا العشق الدائم، ولا بأن يُشَدّ معه أواصرُ قلبٍ خُلِقَ أصلًا للأبد والخلود؛ وحيث إن الموجودات فانيةٌ وستتركني ذاهبةً إلى شأنها، فسأتركها أنا قبل أن تتركني، بترديدي: «يا باقي أنت الباقي»، أي: أومن وأعتقد يقينًا أنه لا باقي إلا أنت يا إلهي، وبقاءُ الموجودات مَوكولٌ بإبقائك إياها، فلا تُوجَّه إليها المحبةُ إذًا إلا من خلال نور محبتك، وضمن مرضاتك، وإلا فإنها غيرُ جديرةٍ بربط القلب معها.

فهذه الحالة تجعل القلبَ يتخلى عن محبوباتٍ كان يُوْلِيها محبةً لا حدود لها، حيث يبصر خَتْمَ الفناء، ويشاهد طابعَ الزوال على ما أضفي عليها من جمالٍ وبهاء، فتتقطع عندئذٍ تلك الوشائجُ التي كانت تربط القلبَ بالموجودات؛ وبخلاف هذا الأمر، أي إن لم يتخلَّ القلبُ عن محبوباته، فإن جراحاتٍ وآلامًا وحسراتٍ تتفجر من أعماقه بقدر تلك المحبوبات الفانية.

أما الجملة الثانية: «يا باقي أنت الباقي» فهي كالمرهم الشافي والبلسم الناجع يُمرَّر على العملية الجراحية التي أجرتها الجملةُ الأولى على القلب وروابطه، حيث إنها تعني: «كفى بك يا إلهي باقيًا.. فبقاؤك بديلٌ عن كلِّ شيء.. وحيث إنك موجودٌ فكل شيء موجودٌ إذن».

نعم، إنَّ ما يبدو على الموجودات من الحُسن والإحسان والكمال -والذي يبعث على محبتها- ما هو إلا إشاراتٌ لحُسْنِ الباقي الحقيقي وإحسانِه وكمالِه، وما هو إلا ظلالٌ خافتةٌ لذلك الحسن والإحسان والكمال نَفَذَت من وراء حُجُبٍ كثيرةٍ وأستارٍ عدة، بل هو ظِلالٌ لظلالِ تجليات أسمائه الحسنى جلّ جلالُه.

النكتة الثانية

في فطرة الإنسان عشقٌ شديد نحو البقاء، حتى إنه يتوهم نوعًا من البقاء في كل ما يحبه، بل لا يحب شيئًا إلا بعد توهُّمه البقاء فيه، ولكن حالما يتفكر في زواله أو يشاهد فناءه يطلق عليه الزفرات والحسرات من الأعماق.

نعم، إن جميع الآهات والحسرات الناشئة من أنواع الفراق، إنما هي تعابيرُ حزينةٌ تنطلق من عشق البقاء، ولولا تَوَهُّمُ البقاء لَمَا أحبَّ الإنسانُ شيئًا.

بل يصِحُّ القول: إنَّ سببًا من أسباب وجود عالَم البقاء والجنة الخالدة هو الرغبةُ المُلِحّة للبقاء المغروزة في فطرة الإنسان، والدعاءُ العامُّ الشاملُ الذي يسأله بشدة للخلود.. فاستجاب الباقي ذو الجلال لتلك الرغبة المُلِحّة ولذلك الدعاء العام المؤثِّر، فخَلَق سبحانه عالمًا باقيًا خالدًا لهذا الإنسان الفاني الزائل، إذ هل يمكن ألّا يستجيب الفاطرُ الكريم والخالق الرحيم لدعاءٍ تسأله البشريةُ قاطبةً بلسان حالها ومقالها، ذلك الدعاء الكلي الدائميُّ الحقُّ والخالصُ النابعُ من صميمِ حاجتها الفطرية ومن أعماق رغبتها المُلِحّة، مع أنه يستجيب لدعاء مَعِدةٍ صغيرةٍ تسأله بلسان حالها، فيخلق لها أنواعًا من الأطعمة اللذيذة ويُشبع بها رغبتها الجزئية للبقاء المؤقت؟! حاشَ لله وكلا.. ألفَ ألفِ مرةٍ كلا، إنّ ردّ هذا الدعاء للخلود محالٌ قطعًا، لأن عدم استجابته جلَّ وعلا ينافي حكمتَه الخالدة وعدالتَه الكاملة ورحمتَه الواسعة وقدرتَه المطلقة.

وما دام الإنسان عاشقًا للبقاء، فلا بد أنّ جميع كمالاته وأذواقه تابعةٌ للبقاء أيضًا، ولمّا كان البقاء صفةً خاصةً للباقي ذي الجلال، وأن أسماءه الحسنى باقيةٌ، وأن المرايا العاكسة لتجليات تلك الأسماء تنصبغ بصبغتها وتأخذ حُكمَها، أي تنال نوعًا من البقاء، فلا بد أنّ ألزمَ شيءٍ لهذا الإنسان وأجلّ وظيفةٍ له هو شدُّ الأواصر وربطُ العلاقات مع ذلك الباقي ذي الجلال والاعتصام التام بأسمائه الحسنى، لأن ما يُصرف في سبيل الباقي ينال نوعًا من البقاء.

هذه الحقيقة تعبّر عنها الجملة الثانية: «يا باقي أنت الباقي»، فتُضمِّد جراحاتِ الإنسان المعنويةَ الغائرة، كما تُطَمْئِن رغبتَه المُلِحّة للبقاء المودَعة في فطرته.

النكتة الثالثة

يتفاوت في هذه الدنيا تأثيرُ الزمانِ في فناء الأشياء وزوالها تفاوتًا كبيرًا، فمع أن الموجودات مكتنفٌ بعضُها ببعضٍ كالدوائر المتداخلة، إلّا أن حكمَها من حيث الزوال والفناء مختلفٌ جدًّا.

فكما أن دوائر حركة عقارب الساعة العادَّةِ للثواني والدقائق والساعات تختلف في السرعة رغم تشابهها الظاهري، كذلك الأمر في الإنسان، حيث إن حُكْم الزمن متفاوتٌ في دائرة جسمه، ودائرة نفسه، ودائرة قلبه، ودائرة روحه.

فبينما ترى حياةَ الجسم وبقاءَه ووجودَه محصورةً في اليوم الذي يعيش فيه أو في ساعته، وينعدم أمامَه الماضي والمستقبلُ، إذا بكَ ترى دائرةَ حياةِ قلبِه ومَيدانَ وجوده يتّسع ويتسع حتى يضمَّ أيامًا عدةً قبل حاضره وأيامًا بعده، بل إنَّ دائرةَ حياة الروح وميدانَها أعظمُ وأوسع بكثير، حيث تَسَعُ سنينَ قبل يومها الحاضر وسنين بعدَه.

وهكذا، بناءً على هذا الاستعداد، فإن عمرَ الإنسان الفاني يتضمن عمرًا باقيًا من حيث حياتُه القلبية والروحية، تحيَيان بالمعرفة الإلهية والمحبة الربانية والعبودية السُبحانية والمرضيات الرحمانية، بل يُنتِج عُمرًا باقيًا خالدًا في دار الخلود والبقاء، فيكون هذا العمر الفاني بمثابة عمر أبدي.

أجل، إنَّ ثانيةً واحدةً يقضيها الإنسانُ في سبيل الله الباقي الحق، وفي سبيل محبته، وفي سبيل معرفته وابتغاء مرضاته، تُعَدُّ سنةً كاملة، بل هي باقيةٌ دائمةٌ لا يعتريها الفناء؛ بينما سنةٌ من العمر إنْ لم تكن مصروفةً في سبيله سبحانه فهي زائلةٌ حتمًا، وهي في حُكم لحظةٍ خاطفة، فمهما تَطُل حياةُ الغافلين فهي بمثابة لحظاتٍ عابرةٍ لا تُجاوز ثانيةً واحدة.

وهناك قول مشهور يدل على هذه الحقيقة، هو: «سِنَةُ الفِرَاقِ سَنَةٌ، وَسَنَةُ الوِصَالِ سِنَةٌ».

أي إن ثانيةً واحدةً من الفراق طويلةٌ جدًّا كأنها سَنةٌ واحدة، بينما سَنةٌ كاملة من الوصال تبدو قصيرةً كالثانية الواحدة.

بَيْدَ أني أُخالف هذا القول المشهور فأقول: «إن ثانيةً واحدةً يقضيها الإنسانُ ضمن مرضاة الله سبحانه وفي سبيل الباقي ذي الجلال ولوجهه الكريم، أي ثانيةٌ واحدة من هذا الوصال ليست كسَنةٍ وحدها، بل كنافذةٍ مُطِلَّة على حياةٍ دائمةٍ باقية، أما الفراقُ النابعُ من نظر الغفلة والضلالة فلا يجعل السَنةَ الواحدة كالثانية، بل يجعل ألوفَ السنين كأنها ثانيةٌ واحدة».

وهناك مثل آخر أكثر شُهرةً من السابق يؤيد ما نقرره وهو:

أرْضُ الفَلَاةِ مَعَ اْلأعْدَاءِ فِنْجَانُ      سَمُّ الخِيَاطِ مَعَ اْلأحْبَابِ مَيْدَانُ

أما إذا أردنا أن نبين وجهًا صحيحًا للمَثَل السابق فسيكون كالآتي:

إنَّ وصالَ الموجودات الفانية قصيرٌ جدًّا لأنه فانٍ، فمهما طال فهو يمضي في لمحة، ويغدو خيالًا ذا حسرة، ورؤيا عابرةً تورث الأسى؛ فالقلب الإنساني التَّوّاق للبقاء لا يستمتع من سَنةٍ من هذا الوصال إلا بمقدارِ ما في الثانية الواحدة من لَذَّة، بينما الفراقُ طويلٌ وميدانُه واسعٌ فسيح، فثانيةٌ واحدةٌ منه تستجمع ألوانًا من الفِراق ما يستغرق سَنة كاملة، بل سنين. فالقلب المشتاق إلى الخلود يتأذى من فِراقٍ يمضي في ثانيةٍ واحدة، كأنه ينسحق تحت آلام فِراقِ سنين عدة، حيث يُذكِّره ذلك الفراق بما لا يُعد من أنواع الفراق، وهكذا فماضي جميع أشكال المحبة المادية والهابطة ومستقبلُها مليءٌ بألوانٍ من الفراق.

وللمناسبة نقول:

أيها الناس.. أتريدون تحويلَ عمرِكم القصير الفاني إلى عمرٍ باقٍ طويل مديد، بل مثمرٍ بالمغانم والمنافع؟

فما دام الجواب: أنْ نعم. وهو مقتضى الإنسانية، فاصرفوا إذًا عمرَكم في سبيل الباقي، لأن أيَّما شيءٍ يتوجه إلى الباقي ينالُ تجليًا من تجلياته الباقية.

ولما كان كل إنسان يطلب بإلحاح عمرًا طويلًا وهو مشتاق إلى البقاء، وثمة وسيلةٌ أمامه لتحويل هذا العمر الفاني إلى عمر باقٍ، بل يمكن تبديلُه إلى عمرٍ طويل معنىً، فلا بد أنه -إنْ لم تسقط إنسانيتُه- سيبحث عن تلك الوسيلة وينقِّب عنها، ولا بد أنه سيسعى حثيثًا لتحويل ذلك الممكن إلى فعلٍ ملموس، ولا بد أنه سيصبو إلى ذلك الهدف بأعماله وحركاته كافة.

فدونكم الوسيلة: اعملوا لله.. التقوا لوجه الله.. اسعَوا لأجل الله.. ولتكن حركاتُكم كلُّها ضمن مرضاة الله: (لله.. لوجه الله.. لأجل الله..) وعندها ترون أن دقائقَ عمركم القصير قد أصبحت بحكم سنين عدة.

تشير إلى هذه الحقيقة «ليلةُ القدر»، فمع أنها ليلةٌ واحدة إلا أنها خيرٌ من ألف شهر -بنص القرآن الكريم- أي في حُكم ثمانين ونيفٍ من السنين.

وهناك إشارةٌ أخرى إلى الحقيقة نفسِها، وهي القاعدة المقررة لدى أهل الولاية والحقيقة، تلك هي «بسط الزمان» الذي يُثبتُه ويُظهره فعلًا المعراجُ النبوي، فقد انبسطت فيه دقائقُ معدودةٌ إلى سنين عدة، فكان لساعات المعراج من السعة والإحاطة والطول ما لألوفِ السنين، إذ دخل ﷺ بالمعراج إلى عالَم البقاء، فدقائقُ معدودةٌ من عالَم البقاء تَضُمُّ ألوفًا من سِنِي هذه الدنيا.

ومما يُثبت حقيقة «بسط الزمان» هذا ما وقع من حوادثَ غزيرةٍ للأولياء الصالحين، فقد كان بعضهم يؤدي في دقيقةٍ واحدةٍ ما يُنجَز من الأعمال في يوم كامل، وبعضهم أنجزوا في ساعةٍ واحدةٍ من المُهمات ما يُنجَز في سنةٍ كاملة، وبعضهم ختموا القرآن في دقيقة.

وهكذا فهذه الروايات عنهم وأمثالُها لا ترقى إليها الشبهات، لأن الرواة صادقون صالحون يترفّعون عن الكذب، فضلًا عن أن الحوادث متواترةٌ وكثيرةٌ جدًّا ويَروونها روايةَ شهود، فلا شك فيها. فبسطُ الزمان حقيقة ثابتة؛ [حاشية: قال تعالى: ﴿ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْم﴾، ﴿وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا﴾؛ فهاتان الآيتان الكريمتان تدلان على «طي الزمان»، كما أن الآية الآتية تدل على «بسط الزمان»: ﴿وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ﴾. (المؤلف).] وهناك نوعٌ منه يصدِّقه كلُّ الناس، وهو ما يراه الإنسان من رؤيا في المنام، إذ قد يَرى رؤيا لا تستغرق دقيقةً واحدة، بينما يقضي فيها من الأحوال ويتكلم من الكلام ويستمتع من اللذائذ ويتألم من العذاب ما يحتاج إلى يومٍ كاملٍ في اليقظة، وربما إلى أيامٍ عدة.

حاصل الكلاممع أن الإنسان فانٍ إلّا أنه مخلوق للبقاء، خَلَقه البارئ الكريم بمثابة مرآةٍ عاكسةٍ لتجلياته الباقية، وكلّفه بالقيام بمهماتٍ تُثمر ثمارًا باقيةً، وصَوَّره على أحسن صورةٍ حتى أصبحت صورتُه مدارَ نقوشِ تجلياتِ أسمائه الحسنى الباقية، لذا فسعادةُ هذا الإنسان ووظيفتُه الأساس إنما هي التوجُّه إلى ذلك الباقي بكامل جهوده وجوارحه وبجميع استعداداته الفطرية، سائرًا قُدُمًا في سبيل مرضاته، متمسكًا بأسمائه الحسنى، مردِّدًا بجميع لطائفه -من قلب وروح وعقل- ما يُردِّده لسانُه: «يا باقي أنت الباقي».

هو الباقي.. هو الأزلي الأبدي.. هو السرمدي.. هو الدائم.. 

هو المطلوب.. هو المحبوب.. هو المقصود.. هو المعبود.

﴿سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾

﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾

❀  ❀  ❀

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى