أأطلب الجنة وأنا أعيش كما أهوى؟!
تحفل سيرة الأستاذ النورسي بمواقف زاخرة بالعبر، ومن ذلك ما يرويه تلميذه المُلَّا حميد أكنجي، إذْ ينقل صورةً من تبتل الأستاذ وجِدِّه في الإقبال على العبادة وتجرده عن الهوى فيقول:
كان الأستاذ إذا أقبل على عباداته وتضرعاته ومناجاته يجلس جلسة التشهد، وكان يطيل هذا النوع من الجلوس ساعات طوالًا، حتى لقد تقرَّحت إصبع قدمه من جراء ذلك.
وذات يومٍ طلب من أحد طلابه مرهمًا لمداواة إصبعه، وكان الطالب -مُلَّا رسول- منهمكًا في إشعال الحطب في الموقد، فقال للأستاذ:
ونحن أيضًا نخشى الله ونخافه يا أستاذنا، ولكنك ترتعد من خشيتك حتى تكاد تتفطر مرارتك!! فلو كنت تجلس مطمئنًّا مثلنا لما تقرحت إصبعك!
فقال الأستاذ: مُلَّا رسول.. لقد جئنا إلى هنا كي نظفر بحياة أبدية خالدة بهذا العمر القصير والدنيا القصيرة.. أأعيش هنا كيفما أشاء ثم أدعو بالجنة وأطلبها؟! لا يجوز هذا أبدًا.. لا أجرؤ على العيش كما أهوى.
كان الأستاذ يقول هذا، ومُلَّا رسول يضع المرهم على الجرح أملًا في الشفاء.
___________
المصدر: الشهود الأواخر 1 / 97 – 98.
❀ ❀ ❀